الساسانيون كانوا كورداً ولم يكونوا فرساً

الغالبية العظمى من المؤرخين، من شرقيين و غربيين، يعتبرون الساسانيين فرساً، بينما المصادر التأريخية الموثوقة تؤكد بشكل قاطع لا لبس فيه بأن الساسانيين ينتمون الى الشعب الكوردي. يجب إنصاف الشعب الكوردي العريق و إظهار الحقائق التأريخية بموضوعية و مهنية، بعيداً عن الأهواء الشخصية و النزعات العنصرية.

تُثبت الأدّلة التالية أن العائلة الساسانية الحاكمة كانت عائلة كوردية:

1. موطِن الجد الأعلى لملوك الساسانيين، (ساسان) هو كوردستان، حيث أنه إنتقل الى ولاية فارس هرباً بعد نبوءة أنّ من ذُريته سيحكم بلاد آريانا[1][2]. هكذا نرى أنّ (ساسان) كان كوردياً ولم يكن فارسياً ولم يكن من ولاية فارس، بل أنه قد نسب نفسه الى الملِك الكياني (بهمن بن اسفنديار بن گوشتاسپ) نسباً مشكوكا فيه. كان ساسان راعياً لِمواشي الإبل عند أحد الإقطاعيين[1]. كما يقول (دهخدا) في موسوعته أن والد الملِك الساساني (أردشير) هو الراعي (پاپَگان الكوردي)[3].

يذكر الدكتور رشيد ياسمي الأستاذ في جامعة طهران أنّ (ساسان) الذي هو جد (أردشير)، هو من عشيرة (شوانكاره) الكوردية و أنّ والدة (پاپَگان Papagan) هي إبنة أحد رؤساء عشائر (بازرنگي) الكوردية. موطن هذه العشيرة هي المنطقة االكوردية في مقاطعة فارس. يضيف ياسمي أنه نستطيع القول أنّ (أردشير) هو كوردي[4].

كان (پاپَگان) إبن (ساسان) ينتمي الى أحد بيوت النار ل(آناهَيتا)، ورزق (پاپَگان) بإبن أسماه (أردَشير Ardashir) الذي قام بِتأسيس الدولة الساسانية. ولِد (أردشير الأول) في مدينة (بيرسي پوليس) أي (ولاية فارس) التي سبق أن إنتقل إليها جدّه (ساسان). أحب (أردشير) الحياة العسكرية، فأصبح من كبار القادة العسكريين. كان أخوه حاكِم ولاية، إلا أنّ (أردشير) ثار ضد أخيه وأرغمه على التنازل عن الحُكم له. بعد تولّيه حُكم الولاية، قام (أردشير) بِتوسيع مملكته، فضمّ اليها كلاً من بلاد سواحل (خليج هرمز) و (إيلام) و(أصفهان) و(ميديا).

2. توسيع (أردشير الأول) لِمملكته، أقلق آخر ملوك الأشكانيين الفُرس، الملِك (أردوان الخامس)، حيث أنه قام بإرسال رسولٍ يحمل رسالةً منه الى (أردشير) يُعيبه فيها حسبه و نسبه. قام الملِك الساساني (أردشير) بِقراءة هذه الرسالة المُهينة في البلاط الملكي و بحضور رعية الدولة الساسانية. مما جاء في الرسالة المذكورة ما يلي: (إنكَ قد عدوتَ طوركَ و إجتلبتَ حتفكَ أيها الكوردي المُربّى في خيام الكورد، مَن أذِنَ لك في التاج الذي لبستَه؟). يشير الى هذه الرسالة كل من الطبري[5] و إبن الأثير[6]. رسالة الملِك الأشكاني الفارسي تؤكد بِوضوح أنّ الأسرة الساسانية الحاكمة كانت أسرة كوردية.

لم تقتصر إعابة الملوك الساسانيين بسبب أصلهم الكوردي وإنتمائهم الى الأمة الكوردية، على (أردوان الخامس الإشكاني)، بل أنّ حاكم أرمينيا وآذربايجان في زمن الدولة الساسانية، (بهرام چوبین) الذي كان إبن (بهرام گوشتاسپ)، أعاب أيضاً الملِك الساساني (خسرو الثاني “پرويز”) لِكونه كوردياً عندما حاول (بهرام) إغتصاب الحُكم من الملِك (خسرو الثاني)، حيث قال له (يا إبن الزانية، المربّى في خيام الكورد[7].

3. كان (ساسان) ينتمي الى العشيرة الكوردية (شوانكاره) وكان أفراد هذه العشيرة يشتغلون في الرعي و الزراعة وأنهم في اواخر عهد البويهيين قاموا بتأسيس سُلالة كوردية حاكِمة بإسم (أتابكة ملوك شوانكاره الكورد في فارس[8]. كما يذكر المستشرق النمساوي (إدوارد ڤون زامباور) في كتاب (معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي) بأنّ أفراد عشيرة (شوانكاره) ينحدرون من مؤسس الدولة الساسانية (أردشير بن پاپَگان)[9].
4. كما يذكر ياقوت الحموي في كتابه “معجم البلدان”، الذي إستغرقت كتابته من عام 1224 الى عام 1228 ميلادي[10]، بأن السلاطين الساسانيين عندما بنوا مدينة “المدائن”، قاموا ببناء حي ضمن المدائن، أطلقوا عليه إسم “كورد آباد”، تيمُّناً بإنتمائهم القومي للشعب الكوردي و الذي يعني “الحي المبني من قِبل الكورد”، حيث أنه يذكر أسماء ستة أحياء أخرى في مدينة المدائن، بالإضافة الى حي (كورد آباد).

من الجدير بالذكر أنّ إسم مدينة (المدائن) هو “ماديان” والذي هو إسم كوردي، يتكون من كلمة (ماد) أي (ميدي) و اللاحقة (ان) تُستخدم للجمع في اللغة الكوردية وبذلك فأنّ (ماديان) يعني باللغة الكوردية (ماديون أو ميديون) الذين هم أسلاف الكورد. تم تحوير الإسم الكوردي لهذه المدينة من قِبل العرب من (ماديان) الى (المدائن) و أطلق الفُرس عليها إسم “تيسفون”. قام الملِك الساساني، أردشير أيضاً ببناء مدينة خاصة بالكورد قرب مدينة الموصل الحالية و سماها “بوذ أردشير”[11].

كما أنّ الملِك الساساني (قُباد) و (أنوشيروان) قاما بِبناء أكثر من ثلاثين مدينة في سهل (أرّان)، وكانت إحدى هذه المدن تحمل إسم (ملازكورد) [12][13]. تسمية حيّ من أحياء العاصِمة الساسانية بإسم الكورد، وبناء مدن كوردية من قِبل الساسانيين، هي دليل آخر على كوردية الساسانيين.

5. ملوك الساسانيين كانوا يُلقّبون ب”خاسرَو”. الكلمة مؤلفة من الكلمتين الكورديتَين “خاس” التي تعني “جيد” باللغة الكوردية[14] و كلمة ” رَو” التي تعني “تصرّف أو سلوك” باللغة الكوردية، و بذلك كلمة “خاسرَو” تعني “ذو تصرف جيد” أي “إنسان محترم و ذو منزلة عالية”. الفُرس أخذوا هذا اللقب من الكوردية و حوّروه الى “خُسرَو”، حيث لا توجد كلمتَي “خاس” و ” رَو” في اللغة الفارسية. العرب بِدورهم قاموا بتعريب هذه الكلمة فحوّلوها الى “كِسرى أو كَسرى”. هكذا فأنّ اللقب الكوردي للملوك الساسانيين، يؤكد على إنتمائهم للشعب الكوردي.

من الجدير بالذكر أنّ الكثيرين من الناس يظنون خطأً بأن إسم الملك الساساني كان “كِسرى” الذي جرت معركة القادسية أثناء حكمه، بينما “كِسرى” هي لقب كل ملوك الساسانيين و ليس إسم أحدهم، و الذي يُقابل كلمة (جلالة) و (فخامة) و (سمّو) المُستخدمة في الوقت الحاضر في مخاطبة الملوك ورؤساء الجمهوريات والأمراء على التوالي. كثير من ملوك الشعوب الأخرى كانت لهم ألقابهم الخاصة بهم كما كان للساسانيين، مثلاً ملوك الروم كانوا يُلقّبون ب”قيصر” و ملوك الأقباط ب”فرعون” و ملوك الأتراك ب”خاقان” و ملوك اليمن ب”تُبّع” و ملوك الحبشة ب”نجاشي” و ملوك مصر ب”عزيز” و هكذا.

6. أسماء ملوك ساسان كانت أسماءاً كوردية والتي تُشير الى كورديتهم.

أ. كان إسم ثلاثة ملوك ساسانيين هو (يزدكورد). كما أنّ إحتواء أسماء هؤلاء الملوك الثلاث على كلمة (يزد)، يُشير الى الخلفية الدينية اليزدانية لأفراد الأُسرة الساسانية الحاكِمة.

ب. إسم إثنَين من الملوك الساسانیين كان (خَسرَو Xesrew). كما تمّ توضيحه أعلاه، (خَسرَو) مؤلف من الكلمتَين الكورديتين (خاس) التي تعني (جيد أو طيّب) و(رَو) التي تعني (سلوك أو خُلُق) وبذلك إسم (خَسرَو) يعني (الشخص ذو الخُلُق الجيدة).

ت. إسم إثنَين من الملوك الساسانيين هو (أردشير Erdeşîr) الذي هو إسم مُركّب متكوّن من الكلمة الميدية (أردا) التي تعني (صالِح أو جيد) و(شير) التي تعني بالكوردية (أسد) وبذلك يعني هذا الإسم (الأسد الصالح أو الجيد).

ث. إسم أحد الملوك الساسانيين هو (فَیروز Feyrûz) أو (پیرۆز Pîroz) الذي هو إسم كوردي يعني (مُبارَك أو مُقدّس).

ج. إسم أربع ملوك ساسانيين هو (هرمز Hormizd) الذي هو إسم آري، مأخوذ من إسم إله أسلاف الكورد السومريين (هرميس). مع مرور الزمن، تغيّر هذا الإسم الى (هورامَزداHuramezda ) أو (مَزدا Mezda) عند الشعوب الآرية وبعد هذا التغيّر، إحتفظ هذا الإسم بمعناه الأصلي، أي بمعنى (إله).

ح. إسم أربعة ملوك ساسانيين كان (بَهرام أو بارام) وإسم إثنَين آخرَين منهم كان (قُباد). هذان الإسمان كورديان، الأول يعني (ذكي) والإسم الثاني يعني (ملِك).

7. هناك بعض الأسماء الساسانية التي لاتزال سائدة عند (الكورد) في كوردستان، على سبيل المثال وليس الحصر، الإسم (خماني)[14]. هذا الإسم الساساني ليس له وجود عند الفُرس. إلى الآن هناك أشخاص كورد، إناث وذكور، يحملون هذا الإسم.

8. يذكر (حسن پیر نیا) أن الساسانيين كانوا يطلقون إسم (ماي) على الميديين[15]. يدخل هذا الإسم في أسماء الكورد الذكور الى الوقت الحاضر رغم مرور أكثر من 2500 سنة على إختفاء الإمبراطورية الميدية، على سبيل المثال، الإسم (مايخان). تُلازم كلمة (خان) إسم (ماي)، حيث لا تتم تسمية شخص بإسم (ماي) لوحده، بل تُضاف الصفة (خان) له التي تُقابل كلمة (جلالة) و (فخامة) المستخدمة لمخاطبة الملوك ورؤساء الدول على التوالي في الوقت الحاضر، لأنّ الميديين كانوا نبلاء الكورد. من الجدير بالذكر أن إسم الميديين (مادا) يعني باللغة الميدية (عظيم) أو (كبير)[a].

تجدر الإشارة الى أنه عندما إحتل العرب كوردستان، تم إطلاق إسم (ماهات) على مركز السلطة الميدية من قِبل العرب، حيث أن (ماه) هو إسم الميديين[b] وأن اللاحقة (ات) هي لاحقة الجمع في اللغة العربية. يذكر (البلاذري) بأنه عند إحتلال كوردستان من قِبل العرب في العهد الإسلامي، تم تقسيم بعض المناطق المحتلة من كوردستان الى عدة أقسام، حيث أن الضرائب (الجزية) المأخوذة من كل منطقة، كانت تُرسَل الى المسلمين الساكنين في منطقة محددة[16]. لذلك كان العرب يطلقون إسم (ماه الكوفة) على مدينة (دینَوَر) وأطرافها لأن الجزية المأخوذة من سكان مدينة (دینَوَر) وتوابعها كانت توزع على السكان المسلمين الجدد الساكنين في مدينة الكوفة. كذلك لنفس السبب تم إطلاق إسم (ماه البصرة) على مدينة (نَهاوند)، حيث كانت الجزية المستحصلة من سكان (نهاوند) كانت تُعطى لسكان مدينة البصرة الذين أصبحوا مسلمين بعد الإحتلال العربي الإسلامي. هكذا تم تقسيم مركز بلاد ميديا من قِبل المحتلين العرب الى (ماه الكوفة) و (ماه البصرة).

9. العائلة الفضلوية التي أسست الإمارة الفضلوية (1155 – 1432 م)، تنتمي الى قبيلة شوانكاره الكوردية، وكان أفراد هذه العائلة من سلالة ملوك ساسان[c]. أفراد الأسرة الحاكِمة لهذه الإمارة كانوا كورداً وبذلك لابد أنّ أجدادهم الساسانيين كانوا كورداً أيضاً. من الجدير بالذكر أنّ هذه الإمارة أُقيمت في جنوب شرقي لورستان و دام حُكمها لمائتين و سبعة و سبعين عاماً. كانت المملكة تضم لورستان و تمتد الى ضواحي مدينة أصفهان و في بعض الفترات كانت تضم أيضاً مقاطعة خوزستان و مدينة البصرة.

10. في اواخر عهد البويهيين قامت عشيرة (شوانكاره) بتأسيس إمارة كوردية بإسم (أتابكة ملوك شوانكاره الكورد في فارس[8]، حيث أنّ أفراد عشيرة (شوانكاره) ينحدرون من (أردشير بن بابك مؤسس الدولة الساسانية)[9]. تأسيس هذه العشيرة التي ينتمي إليها الساسانيون، لإمارة كوردية، هو إشارة واضحة لِكون الساسانيين كورداً.

  1. اللهجة الهَورامية الكوردية هي نفسها اللغة الپهلوية التي كانت لغة الساسانيين، حيث يذكر العلّامة مسعود محمد بأنه جاء في كتاب (المعجم في معايير اشعار العجم) لمؤلفه شمس الدين محمد بن قيس الرازي ما ترجمته من الفارسية الى العربية ما يلي: {وجدتُ أهل العراق مشغوفين بإنشاء وإنشاد الفهلوية (الپهلوية)، بل أنّه ليس من لحن لطيف جاء من القول العربي والغزل الدري (الفارسي) هزّ قلبهم وطبعهم مثل:

{لحن أورامَن (هورَمان) وبيت پهلوي}[17]. البيت الشعري (لحن أورامَن (هورَمان) و(بيت پهلوي) يُشيد بالغناء الهورَماني وأنّ لحن الغناء مرتبط بِلغته وهذا يشير بِوضوح أنّ اللهجة الهَورَمانية هي اللغة الپهلوية.

 

بالنسبة للفُرس، تمّ إبتكار لغة فارسية جديدة مع إختفاء الحُكم الأشكاني في سنة 226 قبل الميلاد ومجئ الساسانيين للحُكم. هذه اللغة الجديدة المُستخدَمة في العهد الساساني، تُسمّى (اللغة الپارسیکية) للتمييز بينها وبين اللغة الفارسية القديمة والفارسية الحديثة[18]. كون اللغة الپهلوية (الكوردية) لغة الساسانيين وتكلّم الفُرس بِلغة أخرى وهي (اللغة الپارسیکية)، يؤكد على كوردية الساسانيين.

  1. كان الساسانيون يقومون بِتمجيد (كاوا الحداد) الكوردي، حيث كان إسم علَم هذه الإمبراطورية هو (علَم كاويان) وكلمة (كاويان) مأخوذة من إسم (كاوه الحداد) الذي يُقال أنه قتل الملك الظالم (ضحاك) الذي جعل من صدرية حدادته علماً[d]. كان إرتفاع العلَم (12) ذراعاً وعرضه (8) ذراع وكان مصنوعاً من جلد النمر ومُرصّعاً بالياقوت واللؤلؤ والمجوهرات.

في معركة القادسية التي جرت بين العرب المسلمين والدولة الساسانية في سنة 636 ميلادية، إنتصر المسلمون العرب على الساسانيين، فإستولوا على هذا العلَم وأعطوه للخليفة (عمر بن الخطاب) مع إثنتَين من بنات الملِك الساساني (يزدكورد) اللتين تمّ أًخذهما كسبايا واللتين كان إسمَيهما (شاهژنان أو کَيبانو) و(شاربانو)، حيث أخذ محمد بن ابو بكر الصديق (شاهژنان) زوجةً له و أخذ حسين بن علي بن أبي طالب البنت (شاربانو) زوجة له وهي والدة إمام الشيعة (زين العابدين إبن الحسين). تبنّي الساسانيين لِعلَم كاوه دليل آخر على إنتماء الأسرة الساسانية الحاكمة الى الشعب الكوردي[19].

  1. الكتاب المعنون (التاريخ الصغير) لِمؤلف سرياني نسطوري مجهول (ولادته كانت بعد عام 680)، يتحدث عن تاريخ الكنيسة النسطورية ويسرد أحداثاً تاريخية مهمة التي حصلت خلال القرنَين السادس والسابع الميلادي. يسرد الكاتب في صفحات 100 – 102 من هذا الكتاب معلومات مهمة عن أصول الساسانيين وعن القائد الساساني (هُرمَزدان Hormazdān) الذي كان قائداً عسكرياً لمنطقة (خوزستان). تمّ أسر هذا القائد من قِبل القوات العربية – الإسلامية الغازية في عهد عمر بن الخطاب وثمّ تمّ قتله من قِبل المسلمين بعد أسره. يقول مؤلف الكتاب أنّ (هُرمَزدان) هو إبن عم آخر ملوك الساسانيين (يزد كورد الثالث) وحفيد الملِك (أردشير پاپَگان)، حيث أنه يذكر أنّ هذا القائد الساساني ينتمي  الى أسلاف الكورد الميديين. كما أنّ (Paravaneh Pourshariati ) يذكر أن (هُرمَزدان) كان من سكان ميديا[e]، أي أنه كان ينتمي الى الميديين. المصدران السابقان يشيران بوضوح الى أنّ الساسانيين كانوا ينتمون الى أسلاف الكورد الميديين وهذا دليل آخر على كوردية الحُكّام الساسانيين.
  2. مقاومة سكان الإمبراطورية الساسانية للغزو الإسلامي العربي إنحصرت بشكلٍ رئيس في المناطق الكوردستانية، مثل (شارزور) و(الموصل) و(حلوان) و( نهاوند) و( جلولاء) الذين دافعوا عن الحُكم الساساني الكوردي، بينما لم تكن هناك مقاومة كبيرة ضد هذا الغزو في المناطق غير الكوردية. دفاع الكورد عن الدولة الساسانية كان دفاعاً عن دولتهم الكوردية وحكمهم الكوردي.

 

  1. في قصيدة شعرية له كتبها قبل أكثر من (100) مائة سنة، يقول الشاعر الكوردي، حاجي قادر كۆيى (1817 – 1897 م)، أن الساسانيين هم من الكورد، حيث يذكر بالإسم الملكَين الساسانيَين، (أردشير) و (قُباد) و يتشكى فيها من إهمال تدوين تأريخ الشعب الكوردي باللغة الكوردية. أقتطف هنا من قصيدته الشعرية هذه الأبيات التي قمتُ بترجمتها من الكوردية الى العربية:

    إذا لم يرغب الكوردي في تعلّم لغته الأُم
    مِن المؤكد أنّ أُمّه عاهِرة و أباهُ زانٍ
    تعالَ لأُحدّثك عن أمور تجهلها!
    عالَم السياسة جميلٌ إذا أتقنتَ فنونه
    (صلاح الدين) و (نور الدين) الكورديان
    و (عزيزان)* ال(جزيرة) و (موش) و (وان)
    (مهلهل)** و (أردشير) و الأسد (ديسم)***
    (قُباد) و صقور أمراء أردلان
    هؤلاء كلهم كورد خالصون لا شك فيه
    بسبب الجهل و الأمّية، إختفوا من صفحات التأريخ
    الكُتب و الألواح و الوثائق التأريخية
    لو تم تدوينها عبر التأريخ بِلُغتنا
    لخلّد التأريخ ملوكنا و حُكّامنا و أمراءنا
    و لَبقوا نجوماً متلألئة تُنير صفحات التأريخ

    * (عزيزان) هم أجداد (البدرخانيين)، الذين حكموا أجزاء من كوردستان (مناطق الجزيرة و موش و وان” في زمن الخليفة عمر بن الخطاب.

    ** (مهلهل) هو (مهلهل شازنجاني) الذي تغلّب على السلجوقيين في مدينة (كرماشان) و أصبح يحكم مناطق كرماشان و خانقين و كفري و كركوك و شهرزور و سيروان.

    *** (دَيسَم) هو الحاكِم الكوردي الذي حكم أذربيجان في زمن الدولة العباسية.

 

هكذا فأنّ المصادر الرصينة التي نستند عليها، تؤكد على أنّ الساسانيين كانوا كورداً وأنّ معركة القادسية التي وقعت بين المسلمين العرب، بقيادة سعد بن أبي وقاص و الساسانيين في عهد آخر ملوكهم، (يزدكورد الثالث)، كانت معركة بين العرب و الكورد، إلا أن محتلي كوردستان قاموا بتزوير التأريخ و سرقة التأريخ الكوردي و إعتبروا الساسانيين من الفُرس.

 

أسماء الملوك الساسانيين

نذكر هنا أسماء ملوك الساسانيين الأربع و العشرين، الذين دام حكمهم لمدة أربعمائة و ستة و عشرين عاماً (224 أو 226 – 651 م) التي هي كالآتي، مرتبة حسب التسلسل الزمني لحكمهم :

1. أردشير الأول
2. شاپور الأول
3. هرمز الأول
4. بهرام الأول
5. بهرام الثاني
6. بهرام الثالث
7. نَرسي
8. هرمز الثاني
9. آزر نرسي
10. شاپور الثاني
11. أردشير الثاني
12. بهرام الرابع
13. يزدكورد الأول
14. بهرام الخامس
15. يزدكورد الثاني
16. هرمز الثالث
17. فيروز الأول (پيروز الأول)
18. بلاش (وەلكاش)
19. قُباد الأول (كوات)
20. خَسْرَو الأول (أنوشيروان العادل)
21. هرمز الرابع
22. خَسْرَو الثاني (پَرْويز)
23. قُباد الثاني
24. يزدكورد الثالث

يذكر حمدالله المستوفي في كتابه “نزهة القلوب” الذي كتبه في القرن الرابع عشر الميلادي، بأن الملِك (خاسرو الأول) قام بتنظيم الضرائب و الجيش و سجلات الدولة. في عهد هذا الملِك تم جلب كتاب “دليلة و دمنة” من الهند الى بلاد الساسانيين و في عهده أيضاً بلغت المدارس الفلسفية و الأدبية أوجّها[20].

نتيجة إفتقار الشعب الكوردي لكيان سياسي يُعبّر عن هويته و يقوم بتدوين تأريخه و الحفاظ على ثقافته و لغته و تراثه و تطويرها، فأن تأريخه قد تعرض الى سرقة و طمس و إلغاء و تشويش ظالم لأن محتلي كوردستان يحاولون إستئصال اللغة و الثقافة الكوردية و إلغاء هوية الشعب الكوردي و تزوير تأريخه العريق، ليُكرّسوا إحتلالهم لكوردستان و يُلغون كوردستان من خارطة الشرق الأوسط و ليقوموا بصهر الشعب الكوردي عن طريق تتريكه و تفريسه و تعريبه.

 

إن للشعب الكوردي تأريخ مجيد و أنه من أقدم شعوب المنطقة و أن الحضارات السومرية و الإيلامية و الخورية – الميتانية و الهيتية و الميدية و الساسانية، تشهد على عراقة هذا الشعب و المساهمة العظيمة له في بناء الحضارة الإنسانية و تطورها و تقدمها.

 

إبراز الدور الحقيقي للكورد في تأسيس الحضارة البشرية و التعرّف على ثقافتهم و تأريخهم، يتطلب تأسيس مراكز علمية كوردية لإحياء الثقافة الكوردية و لتصحيح كتابة التأريخ الكوردي. على الكورد البحث عن تأريخهم في ثنايا الكتب و الوثائق وفي قاعات المتاحف و الأماكن الأثرية و عن طريق التنقيب عن الآثار في ممالك الكورد الأثرية و تفحص مراسلات و تقارير الحكومات و المسئولين من خلال القيام بدراسات علمية موضوعية للتأريخ الكوردي للعثور على الحقيقة، بالرغم من التخريب و السرقة و الطمس التي تعرض لها التأريخ الكوردي و خاصة أن الكورد يفتقرون الى كيان سياسي ليُكتب هذا التأريخ في ظله. محتلوا كوردستان قاموا بكتابة التأريخ الكوردي، فعملوا على تشويهه و سرقته و طمسه. من بين هذا التشويه و السرقة، على الكورد أن يبحثوا و يجدوا و يكتشفوا تأريخهم و يضعوه في متناول أطفال الكورد و ليدعوا العالم يعرف التأريخ الحقيقي للكورد. لا أطالب هنا بتزوير التأريخ كما قام به المقبور صدام حسين في حملته “إعادة كتابة التأريخ”، و إنما أقترح تأسيس مراكز علمية لجمع المعلومات التأريخية عن الكورد و تبويبها و تسجيلها و حفظها و مقارنة بعضها مع البعض و غربلتها و تحليلها و من ثم كتابة المعلومات الصحيحة بشكل موضوعي و علمي.

المصادر

1. أبو القاسم الفردوسي. شاهنامه ملحمة الفرس الكبرى. ترجمة سمير المالطي، صفحة 133، 134.

2. ابن البلخي. فارسنامه، فصل احوال شبانكاره و كُرد و فارس. طبع اوروپا، صفحه 146.

3. دهخدا، على اكبر. لغتنامه. جلد سوم، چاب دانشگاه تهران، سال 1345 ﻫ ق، صفحه 3843.

4. غلامرضا رشيد ياسمي. كُرد و پیوستگی نژادى وتاريخى. سال 1369 هـ ق، صفحه
171.

5. ابو جعفر محمد بن جرير الطبري. تأريخ الرسل والملوك. المجلد الثاني، المطبعة الحسينية، مصر، 1336 هـ، صفحة 57.

6. إبن الأثير. الكامل في التاريخ، المجلد الأول، صفحة 133.

7. ابو جعفر محمد بن جرير الطبري. تأريخ الرسل والملوك. المجلد الثاني، المطبعة الحسينية، مصر، 1336 هـ، صفحة 138.

8. ابن البلخي. فارسنامه، فصل احوال شبانكاره و كُرد و فارس. طبع اوروپا، صفحة 150 – 153.

9. زامباور. معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي. إخراج: الدكتور زكي محمد حسن بك و حسن أحمد محمود. ترجمة قسم من فصول الكتاب: الدكتورة سيدة إسماعيل كاشف و حافظ أحمد حمدي و أحمد محمود حمدي، دار الرائد العربي، بيروت، 1980 م، صفحة 351 – 352.

10. ياقوت الحموي. معجم البلدان. المجلد السابع، صفحة 413.

11. لي سترنج، ك. بلدان الخلافة الشرقية. ترجمة بشير فرنسيس وكوركيس عواد، مطبوعات المجمع العلمي العراقي، مطبعة الرابطة، بغداد، 1954.

12. الشيخ شمس الدين أبي عبدالله محمّد أبي طالب الأنصاري الصوفي الدمشقي. نخبة الدهر في عجائب البر والبحر. طبع مدينة بطربورغ، سنة 1865، صفحة 190.

13. دهخدا، على اكبر. لغتنامه. جلد دوم، چاب دانشگاه تهران، سال 1345 ﻫ ق، صفحه 1631.

14. دهخدا، على اكبر. لغتنامه. جلد هفتم، چاب دانشگاه تهران، سال 1345 ﻫ ق، صفحه 9953.

15. حسن پیرنیا. تاریخ ایران باستان یا تاریخ مفصل ایران قدیم. جلد اول، با مقدمه و شرح: محمدابراهیم باستانی پاریزی، تهران، دنیای کتاب، 1362 ﻫ ق، صفحه 48.

16. البلاذري (2010). فتوح البلدان، صفحة 375.

  1. مسعود محمد. لسان الكرد. 1984، صفحة 60 – 61.

 

  1. المصدر السابق، صفحة 39.
  2. ولي فولادى منصورى. تاريخ سياسى اجتماعى بزرگ ايل کلهر. المجلد الأول، صفحة 169.
  3. المستوفي حمد الله القزويني. نزهة القلوب في المسالك و الممالك. ليدن، 1915.
  4. https://donya-e-eqtesad.com/%D8%A8%D8%AE%D8%B4-%D8%B3%D8%A7%DB%8C%D8%AA-%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-62/3084203-%D9%BE%D8%B1%DA%86%D9%85-%D8%A7%DB%8C%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D8%B2-%D8%A2%D8%BA%D8%A7%D8%B2-%D8%AA%D8%A7%DA%A9%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%88%DB%8C%D8%B1
  5. Paravaneh Pourshariati. The Parthians and the Production of the Canonical Shāhnamas : Of Pahlavi, Pahlavānī and the Pahlav. In: Henning Börn and Josef Wiesehöfer (eds.). Commutatio et Contentio Studies in the Late Roman, Sasanian, and Early Islamic Near East.  2008, p. 240
Website | + posts