ما هي رسالة الشارع من بيروت إلى بغداد؟ ولماذا نسمية بـ”جيل الالفين”

د. محمد امین

بعد فشل الربيع العربي وتلاشيه لأسباب كثيرة ، فقد أدى ذلك إلى انحراف اتجاه الدوافع الرئيسية للربيع العربي ، وقد تغير الوضع إلى الوضع الحالي الذي نراه .
اليأس والقمع والظلم الاجتماعي وسوء استخدام سلطة الدولة هي دوافع حية للاحتجاجات العربية في هذه الفترة, من بيروت إلى بغداد, هي نفس الدوافع المختلفة للربيع العربي، كان الربيع العربي يقوده الأخوان المسلمين والمجموعات الإسلامية الأخرى, يشارك فيها كل أطياف المجتمع وغالبيته الساحقة من الذكور, لكن الحركة الحالية في الشارع في كل من بيروت وبغداد يشارك فيها الشباب من كلا الجنسين وخاصة في بيروت, لكنها تفتقر إلى التنظيم والقيادة ذات الهدف السياسي الحاسم حتى يستطيع أن يكون بديلاً للسلطات الحالية.
الشارع في كل من بيروت وبغداد لهما نفس الرسالة حول ما يتعلق بإسقاط السلطات الحالية التي تتهم بأنها فاسدة غير كفوئة ومبنية على المحسوبية والنسب والطائفية.
إذا كان الربيع العربي يتعارض بشكل رئيسي مع أشكال ورموز السلطة ، وكان الناس يعتقدون أن إزالة هذه الاشكال سيؤدي إلى حالة أفضل, لكن النتيجة أظهرت العكس من ذلك ، إما في الحالة القائمة ، يتم توجيه المتظاهرين في الشوارع ضد النظام السياسي والاقتصادي كله ، وليس فقط ضد شخصية معينة من السلطة.

تكمن المشكلة الرئيسية في العالمين العربي والإسلامي في أن الأنظمة السياسية لا تمثل مصالح الشعب في أي مجال من مجالات الحياة ، وأن الأنظمة لا تستطيع ان تواجه تحديات الحياة المعاصرة الجديدة وتحديات العالم الجديدة . لذلك فقد الشعب كل أنواع الأمن في الحياة ويخافون من كل شيء ما عدا الموت لأنهم لا يفقدون أي شيء في حياتهم بموتهم ,مع الحياة البائسة للناس ، تعيش نخبة السلطة المسلطة حياة أخرى, وتعيش في عالم آخر على حساب الناس الفقراء, وان السلطة في وادي والشعب في وادي آخر, وليس لديهم أي مصلحة او مستقبل مشترك على الإطلاق.
كما اشرت أعلاه , هناك جيل جديد يسمى بجيل الالفين, وهو أقل ارتباطًا بالماضي وكذألك اقل ارتباطًا بالأعراف الاجتماعية الكلاسيكية, بالمقارنة مع أجيال اللذين شاركوا في انتفاضة الربيع العربي حيث كانت مرتبطة بالماضي , المعايير الاجتماعية القوية والطقوس الدينية وهذا كله تمثله الأخوان المسلمين ,لذلك ، الآن هناك جيل رائد ، جيل ألفي محاصر من قبل كل من المحافظين والسلطويين الفاسدين.
رسالة صوت الشوارع من بيروت إلى بغداد هي رساله من الجيل الذى هو من ناحية انفصل عن الماضي لعديد من الأسباب بما في ذلك عدم وجود تربية جيدة من قبل النظام وانهيار المؤسسات التربوية والفكرية والاقتصادية وعدم رعاية الدولة للفرد في شتى مجالات الحياة , ومن ناحية أخرى ، يشعر الفرد بانه الخاسر في المستقبل ولا يدر ما يخبئ له هذا المستقبل, وبالتالي يعيش في فراغ, ولا يستطيع فيه النظام السياسي, الاجتماعي – الثقافي والاقتصاد الحالي أن يحقق أحلامه ، وبالتالي فإن الشارع هو المكان الوحيد الذي يمكن أن يعبر فيه على الأقل عن ما يحلم به حتى ذا كان لا يمكن ان يغير حياته والنظام السياسي .
في هذا الصدد ، يثار هذا السؤال حول مستقبل الحركة الجديدة في بيروت وبغداد ، هل سيستمروا مع مظاهرة سلمية بالحسم حتى تحقيق أهدافه؟ هل سيتم كبحها مثل حركات الاحتجاجات الأخرى؟ أو يتابعوا مع المظاهرات والاضطرابات حتى يفرضوا إرادة التغير الجذري, ويجبروا الأنظمة على الاستسلام وزوالها, وبعدها البدء بعصر جديد يتميز بنظام يضمن الحق في تقرير المصير للفرد , وسيادة الفرد والمشاركة الحقيقية للفرد في كل القرارات المصيرية وفى كل مجالات الحياة والضمان للحرية والعدالة ؟
سيتم أيضًا الرد على هذه الأسئلة من خلال شوارع بيروت وبغداد ، ثم سنرى ما إذا كانت الرسالة ستصل الى مكانها المنشود وربما تضل في شوارع أخرى وفي مكان آخر. أو تتلاشى مثلما تلاشى الربيع العربي حيث تحولت من ربيع العربي الى الخريف العربي.
مهما كانت الإجابة في الوقت الحاضر ، هناك شيء واحد مؤكد ، أن حركة التغيير والكفاح ستستمر مهما تكون العقبات حتى تتحقق الاهداف المذكورة وعلى راسها الحرية والعدالة
الكاتب والأكاديمي من كوردوستان عيراق

+ posts